الخميس، 5 يوليو 2018


تميم بن مرّ جدّ قبيلة بني تميم

بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخفى على القارئ ندرة المعلومات عن تميم بن مرّ، جد قبيلة تميم المضريّة العدنانية التي حملت اسمه إلى اليوم، وذلك بسبب قلّة المصادر التي تكلمت عنه من جهة، وبعد العصر الذي عاش فيه من جهة أخرى. وعلى الرغم من كثرة الكتب والمصادر التي ألفت عن قبيلة تميم، فإنك تعجب أنه لا يوجد فيها أي ترجمة لجدها تميم بن مُرّ، فلذلك أحببت أن أضع هذه النبذة.
نسب تميم:
هو تميم بن مُرّ بن أُدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ومن عدنان يصل النسب إلى نبي الله إسماعيل ابن نبي الله إبراهيم الخليل عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم، ويلتقي تميم بالنسب مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: (ما زلت أحب بني تميم منذ ثلاث سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم)، وذكر: (وجاءت صدقاتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هذه صدقات قومنا”)، أخرجه البخاري، ومسلم. وعلق الحافظ ابن حجر (ت 852هـ) بقوله: (إنما نسبهم إليه لاجتماع نسبهم بنسبه صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر). جدير بالذكر أنّ أمّ النضر بن كنانة – الذي تنسب إليه قريش – هي بَرَّة بنت مرّ أخت تميم.
معنى تميم اللغوي:
يدور معنى تميم اللغوي حول الصَّلابة والشِّدَّة، قال ابن منظور (ت 711هـ)، في (لسان العرب): (التّميم: الطويل، … والتّميم: التام الخلق، والتّميم: الشاد الشديد، والتّميم: الصَّلْب، … وقيل التّميم: التام الخلق الشديدة من الناس والخيل، … وتميم: قبيلة، وهو تميم بن مُرّ بن أُدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر).
زمن تميم:
من المرجح أن فترة وجوده قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بستمائة سنة تقريباً، وبعثته صلى الله عليه وسلم كانت قبل الهجرة بثلاثة عشرة سنة الموافق لعام 610م، فتميم إذاً جدّ جاهلي. قال في (شرح ذات الفروع في نسب بني إسماعيل): (كان تميم في الفترة ما بين سليمان وعيسى عليهما السلام، وقد ذكر أنه كان في زمن الإسكندر وأنه يلي شرطته، وكان يطلب الحنيفية وينكر عبادة الأصنام، وكان في زمن عمرو بن لحيّ، وذكر أنه أدرك عيسى عليه السلام، بعد أن مضى من عمره دهراً طويلاً، وأن عيسى عليه السلام سأله عن نفسه ودينه فأخبره، فقال هل تستطيع أن تصحبني؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: أنت وزيري وأخي، ومضيا معاً فلم يزل معه حتى رفع. ثم مضى إلى اليمن يسيح ومعه ابن أخيه المعافر بن يعفر بن مّر، فلم يزل بها حتى مات وكان عمره ستمائة سنة. وهو وكعب بن لؤي في زمن واحد، ومات في بلد يقال لها رَيْمَان من أرض اليمن).
وولادة نبي الله سليمان عليه السلام كانت سنة 1000 قبل الميلاد على وجه التقريب، وميلاد عيسى عليه السلام هو بداية التاريخ الميلادي، ورفعه سنة 40م تقريباً، أما ولادة الإسكندر الأكبر فكانت سنة 356 قبل الميلاد ووفاته سنة 323 قبل الميلاد، فإن صحت هذه الرواية، يكون تميم عاش أكثر من 400 سنة، منذ قبل زمن الإسكندر حتى بعد رفع عيسى عليه السلام. قال الفرزدق (ت 110هـ) الشاعر التميمي الشهير:
على عهد ابن مريم كان قوميهــم الـفـرع المـقـدَّمَ والسّنـامـا
ومما قد يؤيد ما جاء في الرواية السابقة من أن تميم كان على الإسلام وربما كان من حواريي عيسى عليه السلام ما ورد في الآثار التي منها ما أخرج العقيلي (ت 322هـ)، في الضعفاء بسنده عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا تميماً وضبة فإنهما كانا مسلمين).
وروى الحاكم (ت 405هـ) في (تاريخه)، بسنده إلى جابر رضي الله عنه رفعه: (لا تسبوا ربيعة ومضر، فإنهما كانا مسلمين، ولا تسبوا ضبة بن أدّ، ولا تميم بن مرّة، ولا أسد بن خزيمة، فإنهم كانوا على دين إسماعيل).
وذكر الزمخشري (ت 528هـ) في تفسيره (الكشاف)، عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا مضر ولا ربيعة، فإنهما كانا مسلمين، ولا تسبوا قساً فإنه كان مسلماً، ولا تسبوا الحارث بن كعب، ولا أسد بن خزيمة، ولا تميم بن مرّ، فإنهم كانوا على الإسلام).
ومما جاء في وصية الحارث بن كعب المذحجي لأبنائه قوله: (ولا بقي على دين عيسى بن مريم أحد من العرب غيري، وغير تميم بن مرّ، وأسد بن خزيمة، فموتوا على شريعتي، واحفظوا وصيّتي).
مكان قبر تميم:
قبر تميم موجود في بلدة مرّان من أرض نجد المتاخمة للحجاز، وهي منهل قديم مشهور كثير الماء، كان على طريق الحاج، وموقعه في حرّة جبل كشب، في جنوبها الغربي، في عالية نجد، شمال مدينة المويه حالياً، والأرض المحيطة به سبخة، وكان به أصول نخل ودوم، وآثار عمران قديم، قام على أطلاله بلدة لا زالت عامرة، وهي بقرب خط الطول 50: 45، وخط العرض 50: 20.
قال جرير (ت 114هـ) الشاعر التميمي ذائع الصيت:
قال الشارح محمد بن حبيب (ت 245هـ): (أراد قبر تميم بن مرّ بمرّان، على أربع مراحل من مكة إلى البصرة، يفخر به على عمر بن لجأ، يقول: فمن فعل ذلك بي يصير جاراً لتميم بن مرّ، أي يموت فيصير له جاراً. وحرّبني: أغضبني، … يقول: تميم بن مرّ جاري الذي أفخر به وأعز، فتميم كلها تحميني وتنصرني).
وقال أحمد بن يحيى البلاذري (ت 279هـ): (مات تميم فدفن بمرّان)، وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي (ت 285هـ): (أخبرني ابن أبي سعيد عن النوفلي عن أبيه قال: قبر تميم بن مرّ بمرّان)، وقال عبدالله البكري (ت 487هـ): (زعموا أن قبر تميم بن مرّ بمرّان، ولذلك قال جرير: تعدوا بنا الخيل طُمُوح العِقبانْ // نحمي ذمار جدف بمرّانْ)، وقال ابن سعيد الأندلسي (ت 685هـ): (قبر تميم بمرّان من نجد مما يلي طريق مكة من العراق).
وسبق النقل عن (شرح ذات الفروع)، أن تميماً مات في بلد يقال لها رَيْمَان من أرض اليمن، وقد انفرد الشارح بذلك مخالفا لأشعار التّميميّين المتقدمين كجرير، ومخالفا كذلك لجميع كتب المعاجم القديمة، وقصيدة (ذات الفروع)، التي عليها هذا الشرح، توفي ناظمها محمد بن حمزة سنة 656هـ، وشارحها متأخر، فيظهر أن ما في (شرح ذات الفروع)، وَهْمٌ، وأن الذي توفي في أرض اليمن هو ابن أخي تميم المعافر بن يعفر، الذي لا تزال ذريّته هناك، فالأرجح أن تميماً مات في عالية نجد، بدليل وجود قبره في مرّان.
أسرة تميم:
1- والد تميم: هو مرّ بن أد، يذكر اسمه في بعض المراجع (مرّة)، فيقولون عن ولده تميم بن مرّة، وقد علق الحافظ محمد ابن أبي بكر الأصبهاني (ت 581هـ)، بقوله: (وَهِم الأصبهانيون في نسبته في مرّة بالتاء، وإنما هو ابن مرّ). وهذا الوهم يوجد عند المؤلفين المتقدمين بسبب الخلط في كتابة تميم بن مرّ، وتيم بن مرّة القرشي، فأضافوا حرف التاء لاسم مرّ.
2- أمّ تميم: هي الحوأب بنت كلب بن وبرة القضاعية.
3- إخوة تميم: هم بكر، والغوث، وثعلبة، ومحارب، وعامر، وكامل، ومازن، وسلمة، ويعفر، وشبك، وإراش.
4- أخوات تميم: هن بَرَّة، وهند، وتكمة، وجديلة، وعاتكة.
5- أولاد تميم: هم زيدمناة، وعمرو، والحارث، ويربوع.
6- زوجات تميم: صفية بنت القين بن جسر، وسلمى بنت كعب بن عمرو، والذوفاء بنت ضبّة بن أدّ.